المقدمة :
{{ إن أبغض الحلال عند الله الطلاق }}
إن المتمعن في هذه الآية المباركة يرى أن البارئ عز وجل قد أحل الطلاق ، ولكنه أبغضه في الوقت نفسه ، وتعالى لا يبغض شيء إلا إذا كان سيئا ، فسبحانه يمقت كل ما يسيء إلى علاقة إنسانية ويهدر رابطة بين اثنين وفق الله بينهما بالحلال .
فالطلاق حق شرعه الله ، ولكنه وضع له قيود وضوابط فهو ليس حقا مطلقا ، وإنما هو تشريع إلهي وضع حكل أخير بعد أن تنقطع كل حبال التواصل والحب فيكون الطلاق نهاية المطاف .
تعريف الطلاق :
هو إنهاء العلاقات الزوجية بحكم الشرع والقانون ، ويترتب إزالة ملك النكاح لخطورة هذه الظاهرة في حياة الأسرة والمجتمع فقد قيدته المجتمعات بقيود شديدة وأباحته في حالات محدودة .
والطلاق ظاهرة قديمة قدم عهد الإنسانية بالزواج ، ولوحظ على نطاق واسع في المجتمعات البدائية وكان في بعضها حقا تستعمله المرأة في وجه الرجل كما كان ذلك سائدا في قبائل الفيدا ، وكان الطلاق معروفا عند طائفة كبيرة من الشعوب القديمة ، مثل شعوب مصر ، وبابل وآشور ، والعبريين وما بين النهرين ، الهند والصين ، وما إليها فقد نصت عليه قوانين حمورابي وألزمت الرجال بدفع تعويضات مالية للنساء في حالات الانفصال الذي لا مبرر له .
تعريفات إجرائية :
الطلاق لغةً :
الترك والمفارقة ، يقال طلت القوم أي تركتهم وتقول أطلقت الأسير والسجين ، وأطلقت الرأي بمعنى أنك أبحت له أن يبدي من آرائه ما يشاء .
وقد غلب العرف على ان لفظ الطلاق يستعمل في رفع القيد المعنوي ولفظ الإطلاق يستعمل في رفع القيد الحسي ، فيقال طلق الرجل زوجته فهي طالق ، ويندر أن يقال : سجين طالق كما يندر أن يقال امرأة مطلقة .
الطلاق فقهاً :
*- الاحناف : ( رفع قيد النكاح في الحال أو المال بلفظ مخصوص )
*- المالكية : ( صفة تحكيمية ترفع حلية متعة الزواج بزوجته )
*- الحنابلة : ( حل قيد النكاح أو بعضة )
*- الشافعية : حل عقد النكاح بلفظ الطلاق وله )
*- الإمامية : ( إزالة قيد النكاح بصيغة طالق وشبهها )
وقد عرف القانون الكويتي للأحوال الشخصية في المادة (97) الطلاق بأنه ( حل عقدة الزواج الصحيح بإدارة الزواج أو من يقوم مقامه بلفظ مخصوص ) .
مشكلة البحث :
تعتبر مشكلة الطلاق من المشكلات الملحة التي تستدعي علاجا سريعا وهي المشكلة الأولى في قائمة المشاكل التي يعاني منها المجتمع الكويتي قبل وبعد الغزو العراقي لدولة الكويت فحجم مشكلة الطلاق الحقيقي يزيد على ثلث أعداد المتزوجين في السنة الواحدة .
إن قضية الطلاق قضية لا تخص فردا معينا أو فئة محددة بل تخص المجتمع بأسره ، ويمكننا القول ان مشكلة الطلاق أصبحت ظاهرة في المجتمع ، فبين كل ثلاث زواج حالة واحدة تنتهي إلى الطلاق ، ونسبة كبيرة من حالات الطلاق تتم في السنوات الخمس الأولى للزواج وبعضها الآخر في السنة الأولى و أحيانا بعد العقد ، وقبل الدخول .
الــهدف :
نهدف من خلال بحثننا هذا إلى عرض مشكلة الطلاق وبيان حجمها من خلال الإحصائيات والدراسات التي تمت بهذا الشأن إضافة إلى الفرضيات وأثر المتغيرات على نسبة الطلاق سلبا وإيجابا .
كذلك عرض للبيانات الإحصائية لفترات متباعدة لاعداد حالات الطلاق بوجه عام والكويتيين بشكل خاص ، مقارنة مع نسبة الزواج في السنة نفسها .
وسف نحاول أن نضع أنجح الحلول التي قد تساهم في علاج هذه المشكلة من خلال تحديد أسباب الطلاق وتسليط الضوء على دور الجهات الحكومية والأهلية وإسهاماتها في علاج المشكلة .
دراسات سابقة :
لقد جرت دراسات عدة في موضوع الطلاق وقد اعتمدنا في بحثنا هذا على أحدث الدراسات التي تمت بهذا الشأن وهي كالتالي :
*- دراسة القبس الميدانية لسنة 1994 حول المشكلات الاجتماعية ومستوى الخدمات العامة في الكويت .
*- ندوة الطلاق في القوانين الكويتية .
*- ناقوس الخطر يدق ( الطلاق يقع مبكرا ).
أسباب الطلاق :
أسباب شخصية :
1- عادات شخصية مزعجة.
2- عدم الاهتمام بالشريك في الحياة .
3- دخول العنف في العلاقات الزوجية .
4- عدم وجود اهتمام مشترك .
5- عدم الاستجابة للشريك الآخر ( جنسية – عقلية – وجدانية) .
6- تضارب أو عدم تفهم الأدوار بين الزوجين .
7- تدخل الآخرين معتقدات من خارج الأسرة .
8- تدخل الآهل وعدم تفاهم الزوجين .
9- وجود تغيرات غير متوقعة .
10- الغيـــــــــــــــــــرة.
أسباب عامة :
1- العامل الاقتصادي وأثره في حياة الأسرة لان المال عصب الحياة اما بالزيادة او بالنقصان .
2- تطور مركز المرأة الاجتماعي وحريتها ونزولها الى ميدان العمل وشعورها بقيمتها وشخصيتها في الحياة .
3- عدم قيام الزواج على أسس واضحة فقد يقوم على دوافع الحب أو المنفعة أو التغرير والشروط ، وهذه الأمور وما إليها تتعارض مع الدعائم القويمة التي ينبغي أن تقوم عليها الحياة الأسرية .
4- الاختلاف بين الزوج والزوجة في نظرتهما للحياة وفي مستوى الثقافة .
5- ضعف الوازع الديني والأخلاق وخاصة في المجتمعات المدنية مما يؤدي إلى زيادة حالات الطلاق .
6- الإخلال بالشروط المتفق عليها قبل عقد الزواج سواء من جهة الرجل أو من جهة الزوجة .
أسباب اجتماعية :
1- زيادة الانفرادية بدلا من الحياة الاجتماعية تشجع البعض على الحياة لوحدهم .
2- زيادة دخل العائلة مما يعني تحملهم لنفقات الطلاق .
3- زيادة تعليم المرأة وتوظيفها جعلها مستقلة .
4- ابتعاد العائلة عن التمسك بالدين وتعليمه ( الصبر – الاحترام ) في شأن العائلة .
5- التقبل الاجتماعي للطلاق والمطلقين والمطلقات حيث الآن لا يعني عملية سيئة .
6- وجود خيارات أخرى ( الزوجة الثانية)
7- الاختلال الاجتماعي ( حرب الخليج – سوق المناخ ) تزيد من حالات الطلاق .
8- سهولة عملية الطلاق .
9- عدم وجود استشارات أسرية للتعامل مع المشاكل العائلية .
رأي الديانات في الطـلاق :
1- المذهب الكاثوليكي يحرم الطلاق تحريما قاطعا ، ولا يبيح فصم الزواج لاي سبب عظم شأنه ، وحتى الخيانة الزوجية نفسها لا تعد في نظر مبررا للطلاق
2- الكنسية الرومية لا تبيح الطلاق الا في حالة الخيانة من الزواج أو الزوجة وتحرم على من ارتكب منهما هذا الجرم أن يتزوج بعد ذلك.
3- المذهب الارتودكسي لا يبيح الطلاق إلا لواحد من أربعة – الخيانة الزوجية ، العقم لمدة ثلاث سنين – المرض المعدي – الخصام الذي يمتد أجله ويتعذر الصلح معه .
4- المذهب البروتستانتي لا يبيح الطلاق كذلك إلا في حالات خاصة منها الخيانة الزوجية والقسوة وسوء المعاملة وجنون أحد الزوجين.
وتعتمد المذهب المسيحية التي تبيح الطلاق في حالة الخيانة الزوجية على ما ورد في أنجيل ( متى ) على لسان المسيح إذ يقول ( من طلق امرأته إلا بسبب الزنا يجعلها تزني ومن يتزوج مطلقة يزني ).
5- القانون المدني الفرنسي لا يبيح الطلاق الا لواحد من ثلاثة أسباب :
أحدهما : الزنا من أحد الزوجين
ثانيهما : تجاوز الحد والإهانة البالغة في معاملة أحد الزوجين للآخر .
ثالثهما : الحكم على أحد الزوجين بعقوبة قضائية مهينة ، فالمرض او الإصابة بعاهة أو الجنون نفسه .
رأي الإسلام في الطلاق :
ان الاسلام قد رتب على الطلاق نتائج خطيرة من شأنها أن تحمل كلا من الزوج والزوجة على ضبط النفس وتدبر الامر طويلا قبل الاقدام على الطلاق .
فقد قرر أنه اذا كان الزوج هو البادئ بالطلاق وجب أن يوفي الزوجة مؤجل صداقها ويقوم بنفقتها مدة عدتها وبنفقة أولاده الصغار منها طول مدة حضانتهم ن وان كانت الزوجة هي التي ترغب في الخلع اجاز للزوج أن يعلق بت الطلاق على أن تبرئة مما لها عنده أون تعطية شيئا من مالها بتراضيان عليه .
وأن الطلاق لاول مرة لا تقع به الفرقة نهائيا ، بل يجوز بعده للزوج أن يسترد زوجته بدون أي إجراء إذا كان الطلاق رجعيا ، أي وقع بلفظ صريح في الطلاق ، ولم تمض العدة بعده ، او يستردها بعقد ومهر جديدين إن كان الطلاق بائنا ، أي وقع بلفظ غير صريح في الطلاق ونووى به الزوج الطلاق ، او وقع بلفظ صريح في الطلاق ومضت العدة بعده ، فإذا تكرر الطلاق مرة ثالثة كان ذلك دليلا على أن الحياة الزوجية أصبحت غير محتملة بين الزوجين ، فيقرر الفرقة النهائية بينهما ، ولا تحل له بعد ذلك حتى تنمحي آثار العقد الأول والحياة الزوجية الاولى انمحاء تاماً .
وبجانب هذه الانواع من الطلاق التي وكل الامر فيها الى الزوج أجاز الاسلام نوعين آخرين من الفرقة :
احدهما : تشترك فيه المرأة .
الاخر : تستقبل به ، اما الاول فهو الخلع ، وهو الطلاق الذي تطلبه المرأة ويقبله الزوج ، ويتم في الغالب عن طريق تنازل المرأة عن بعض حقوقها عن الزوج أو اعطائه شيئا من المال يتراضيان عليه .
والى هذا النوع يشير القرآن اذ يقول (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا الا ان يخافا الا يقيما حدود الله ، فإن فتم الا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ، تلك حدود الله فلا تعتدوها ، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون )
اما النوع الآخر فهو الطلاق الذي تستبد به المرأة ، وذلك إذا كانت اشترطت في عقد الزواج أن تكون عصمتها بيدها ، أي أن تملك حق الطلاق ، وقبل زوجها ذلك ، ففي هذه الحالة يكون لها حق الطلاق في نفس الحدود وبنفس القيود المقيدة بها الزوج .
علاج مشكلة الطلاق :
إن ارتفاع نسب الطلاق في السنوات الأخيرة ينذر المسئولين بخطورة هذه المشكلة :
1- توسيع نطاق برامج الرعاية والمساعدات الاجتماعية حتى تخفف الدولة من العبء الملقى على عاتق أرباب الأسرة ، وبذلك تخفي الأسباب المادية والصحية والمباشرة .
2- لا تترك شئون الزواج والطلاق لرغبات الأفراد ، فينبغي أن تنشأ مكاتب لفحص طلبات الراغبين في الزواج أو الطلاق ، وتحول هذه الطلبات لأخصائيين وأخصائيات اجتماعية لدراساتها ، وتقديم تقارير عنها ، تثبت فيها حالة الزواج الاقتصادية والصحة ومركزه الاجتماعي ومبلغ التقارب بين حالته وحالة الزوجة التي يريد الاقتران بها ويجب أن تحاط هذه المكاتب بالسرية التامة حتى لا تكون أسرار الناس عرضة للمهاترات والتشنيع .
3- تحريم عدد الزوجات إلا في أضيق الحدود وفي الظروف الاستثنائية المسببة ، ويجوز للرجل اكثر من زوجتين .
4- إنشاء مكاتب صحية للكشف على الراغبين في الزواج قبل عقده وبذلك تختفي حالات الطلاق للمرض والعقم والشذوذ الجنسي .
5- فرض رسوم باهظة على الطلاق الذي يطلبه الرجل .
6- إعادة النظر في تشريعات الزواج ، ورفع سن الزواج بالنسبة للجنسين إذا ثبت كثير من حالات الطلاق ترجع إلى صغر السن .
7- العناية بالنواحي الترويحية وتنظيم أوقات فراغ الأسرة ومحاولة الارتفاع بمستوياتها الفنية والذوقية لان مثل ذلك يخفف التوتر العائد الذي يؤدي في كثير من حالاته إلى الطلاق .
ا لتوصيات
مما تقدم يتضح ان الآثار السلبية ( النفسية – الاجتماعية ) للطلاق على الاسرة والفرد الكويتي تتطلب منا كأفراد وجهات حكومية وأهلية القيام بخطوات ايجابية من اجل الحد من هذه الظاهرة وعليه نوصى بالآتي :
1- التخطيط لعمل برامج إعلامية ثقافية ودينية وتربوية على جميع وسائل الاعلام ( المرئي – المسموع – المقروءة )
2- الاهتمام بالمناهج الدراسية بحيث تحوي على الواجبات والحقوق للزوج والزوج واعطاء مجال لذلك حتى تتكون لهم فكرة واضحة عن الزواج تساعده على اختيار الزوج او الزوجة السليمة .
3- اعادة النظر في الإجراءات القانونية للطلاق وجعلها اكثر جدية في نظر طلبات الطلاق بحيث تمر بمراحل قد تعيد النظر للزوج أو الزوجة في الاقدام على الطلاق .
4- على الهيئات الدينية التدخل الفعال من خلال قنواتها المختلفة ( مساجد – ندوات – جمعيات دينية ) لافهام الناس الحكمة وراء رخصة الطلاق ، وانه شرع لتفادي الاضرار الزوجية ليكون وسيلة لهدم أسرة من أجل أتفه الاسباب .
الخاتمة :
ان الحديث عن مثل هذا الموضوع ( الطلاق ) لمن الأهمية بمكان حيث أنه قد ازداد بدرجة كبيرة ، وكثير من الرجال او النساء لا يفهمون شيء عن الطلاق لعدم اتباع الشرع والشريعة الإسلامية .
لقد وجدت نفسي اكتب عن هذه الظاهرة التي قد تهدد مجتمعنا فتكلمت عن الطلاق واسبابه وتأثيره على الحياة النفسية وتأثيره على المجتمع مما يقلل من حياة المجتمع وتفكك الأسرة وما عليه من أضرار تأثر على الطرفين والأولاد والأسرة والمجتمع بأثره .
كما تناولنا الحديث عن الاسس العامة في الطلاق في الشريعة والدينات الأخرى
داعين اللله عز وجل أن ينال اعجاب كل من تقع عليه عيناه
والله ولي التوفيق .
{{ إن أبغض الحلال عند الله الطلاق }}
إن المتمعن في هذه الآية المباركة يرى أن البارئ عز وجل قد أحل الطلاق ، ولكنه أبغضه في الوقت نفسه ، وتعالى لا يبغض شيء إلا إذا كان سيئا ، فسبحانه يمقت كل ما يسيء إلى علاقة إنسانية ويهدر رابطة بين اثنين وفق الله بينهما بالحلال .
فالطلاق حق شرعه الله ، ولكنه وضع له قيود وضوابط فهو ليس حقا مطلقا ، وإنما هو تشريع إلهي وضع حكل أخير بعد أن تنقطع كل حبال التواصل والحب فيكون الطلاق نهاية المطاف .
تعريف الطلاق :
هو إنهاء العلاقات الزوجية بحكم الشرع والقانون ، ويترتب إزالة ملك النكاح لخطورة هذه الظاهرة في حياة الأسرة والمجتمع فقد قيدته المجتمعات بقيود شديدة وأباحته في حالات محدودة .
والطلاق ظاهرة قديمة قدم عهد الإنسانية بالزواج ، ولوحظ على نطاق واسع في المجتمعات البدائية وكان في بعضها حقا تستعمله المرأة في وجه الرجل كما كان ذلك سائدا في قبائل الفيدا ، وكان الطلاق معروفا عند طائفة كبيرة من الشعوب القديمة ، مثل شعوب مصر ، وبابل وآشور ، والعبريين وما بين النهرين ، الهند والصين ، وما إليها فقد نصت عليه قوانين حمورابي وألزمت الرجال بدفع تعويضات مالية للنساء في حالات الانفصال الذي لا مبرر له .
تعريفات إجرائية :
الطلاق لغةً :
الترك والمفارقة ، يقال طلت القوم أي تركتهم وتقول أطلقت الأسير والسجين ، وأطلقت الرأي بمعنى أنك أبحت له أن يبدي من آرائه ما يشاء .
وقد غلب العرف على ان لفظ الطلاق يستعمل في رفع القيد المعنوي ولفظ الإطلاق يستعمل في رفع القيد الحسي ، فيقال طلق الرجل زوجته فهي طالق ، ويندر أن يقال : سجين طالق كما يندر أن يقال امرأة مطلقة .
الطلاق فقهاً :
*- الاحناف : ( رفع قيد النكاح في الحال أو المال بلفظ مخصوص )
*- المالكية : ( صفة تحكيمية ترفع حلية متعة الزواج بزوجته )
*- الحنابلة : ( حل قيد النكاح أو بعضة )
*- الشافعية : حل عقد النكاح بلفظ الطلاق وله )
*- الإمامية : ( إزالة قيد النكاح بصيغة طالق وشبهها )
وقد عرف القانون الكويتي للأحوال الشخصية في المادة (97) الطلاق بأنه ( حل عقدة الزواج الصحيح بإدارة الزواج أو من يقوم مقامه بلفظ مخصوص ) .
مشكلة البحث :
تعتبر مشكلة الطلاق من المشكلات الملحة التي تستدعي علاجا سريعا وهي المشكلة الأولى في قائمة المشاكل التي يعاني منها المجتمع الكويتي قبل وبعد الغزو العراقي لدولة الكويت فحجم مشكلة الطلاق الحقيقي يزيد على ثلث أعداد المتزوجين في السنة الواحدة .
إن قضية الطلاق قضية لا تخص فردا معينا أو فئة محددة بل تخص المجتمع بأسره ، ويمكننا القول ان مشكلة الطلاق أصبحت ظاهرة في المجتمع ، فبين كل ثلاث زواج حالة واحدة تنتهي إلى الطلاق ، ونسبة كبيرة من حالات الطلاق تتم في السنوات الخمس الأولى للزواج وبعضها الآخر في السنة الأولى و أحيانا بعد العقد ، وقبل الدخول .
الــهدف :
نهدف من خلال بحثننا هذا إلى عرض مشكلة الطلاق وبيان حجمها من خلال الإحصائيات والدراسات التي تمت بهذا الشأن إضافة إلى الفرضيات وأثر المتغيرات على نسبة الطلاق سلبا وإيجابا .
كذلك عرض للبيانات الإحصائية لفترات متباعدة لاعداد حالات الطلاق بوجه عام والكويتيين بشكل خاص ، مقارنة مع نسبة الزواج في السنة نفسها .
وسف نحاول أن نضع أنجح الحلول التي قد تساهم في علاج هذه المشكلة من خلال تحديد أسباب الطلاق وتسليط الضوء على دور الجهات الحكومية والأهلية وإسهاماتها في علاج المشكلة .
دراسات سابقة :
لقد جرت دراسات عدة في موضوع الطلاق وقد اعتمدنا في بحثنا هذا على أحدث الدراسات التي تمت بهذا الشأن وهي كالتالي :
*- دراسة القبس الميدانية لسنة 1994 حول المشكلات الاجتماعية ومستوى الخدمات العامة في الكويت .
*- ندوة الطلاق في القوانين الكويتية .
*- ناقوس الخطر يدق ( الطلاق يقع مبكرا ).
أسباب الطلاق :
أسباب شخصية :
1- عادات شخصية مزعجة.
2- عدم الاهتمام بالشريك في الحياة .
3- دخول العنف في العلاقات الزوجية .
4- عدم وجود اهتمام مشترك .
5- عدم الاستجابة للشريك الآخر ( جنسية – عقلية – وجدانية) .
6- تضارب أو عدم تفهم الأدوار بين الزوجين .
7- تدخل الآخرين معتقدات من خارج الأسرة .
8- تدخل الآهل وعدم تفاهم الزوجين .
9- وجود تغيرات غير متوقعة .
10- الغيـــــــــــــــــــرة.
أسباب عامة :
1- العامل الاقتصادي وأثره في حياة الأسرة لان المال عصب الحياة اما بالزيادة او بالنقصان .
2- تطور مركز المرأة الاجتماعي وحريتها ونزولها الى ميدان العمل وشعورها بقيمتها وشخصيتها في الحياة .
3- عدم قيام الزواج على أسس واضحة فقد يقوم على دوافع الحب أو المنفعة أو التغرير والشروط ، وهذه الأمور وما إليها تتعارض مع الدعائم القويمة التي ينبغي أن تقوم عليها الحياة الأسرية .
4- الاختلاف بين الزوج والزوجة في نظرتهما للحياة وفي مستوى الثقافة .
5- ضعف الوازع الديني والأخلاق وخاصة في المجتمعات المدنية مما يؤدي إلى زيادة حالات الطلاق .
6- الإخلال بالشروط المتفق عليها قبل عقد الزواج سواء من جهة الرجل أو من جهة الزوجة .
أسباب اجتماعية :
1- زيادة الانفرادية بدلا من الحياة الاجتماعية تشجع البعض على الحياة لوحدهم .
2- زيادة دخل العائلة مما يعني تحملهم لنفقات الطلاق .
3- زيادة تعليم المرأة وتوظيفها جعلها مستقلة .
4- ابتعاد العائلة عن التمسك بالدين وتعليمه ( الصبر – الاحترام ) في شأن العائلة .
5- التقبل الاجتماعي للطلاق والمطلقين والمطلقات حيث الآن لا يعني عملية سيئة .
6- وجود خيارات أخرى ( الزوجة الثانية)
7- الاختلال الاجتماعي ( حرب الخليج – سوق المناخ ) تزيد من حالات الطلاق .
8- سهولة عملية الطلاق .
9- عدم وجود استشارات أسرية للتعامل مع المشاكل العائلية .
رأي الديانات في الطـلاق :
1- المذهب الكاثوليكي يحرم الطلاق تحريما قاطعا ، ولا يبيح فصم الزواج لاي سبب عظم شأنه ، وحتى الخيانة الزوجية نفسها لا تعد في نظر مبررا للطلاق
2- الكنسية الرومية لا تبيح الطلاق الا في حالة الخيانة من الزواج أو الزوجة وتحرم على من ارتكب منهما هذا الجرم أن يتزوج بعد ذلك.
3- المذهب الارتودكسي لا يبيح الطلاق إلا لواحد من أربعة – الخيانة الزوجية ، العقم لمدة ثلاث سنين – المرض المعدي – الخصام الذي يمتد أجله ويتعذر الصلح معه .
4- المذهب البروتستانتي لا يبيح الطلاق كذلك إلا في حالات خاصة منها الخيانة الزوجية والقسوة وسوء المعاملة وجنون أحد الزوجين.
وتعتمد المذهب المسيحية التي تبيح الطلاق في حالة الخيانة الزوجية على ما ورد في أنجيل ( متى ) على لسان المسيح إذ يقول ( من طلق امرأته إلا بسبب الزنا يجعلها تزني ومن يتزوج مطلقة يزني ).
5- القانون المدني الفرنسي لا يبيح الطلاق الا لواحد من ثلاثة أسباب :
أحدهما : الزنا من أحد الزوجين
ثانيهما : تجاوز الحد والإهانة البالغة في معاملة أحد الزوجين للآخر .
ثالثهما : الحكم على أحد الزوجين بعقوبة قضائية مهينة ، فالمرض او الإصابة بعاهة أو الجنون نفسه .
رأي الإسلام في الطلاق :
ان الاسلام قد رتب على الطلاق نتائج خطيرة من شأنها أن تحمل كلا من الزوج والزوجة على ضبط النفس وتدبر الامر طويلا قبل الاقدام على الطلاق .
فقد قرر أنه اذا كان الزوج هو البادئ بالطلاق وجب أن يوفي الزوجة مؤجل صداقها ويقوم بنفقتها مدة عدتها وبنفقة أولاده الصغار منها طول مدة حضانتهم ن وان كانت الزوجة هي التي ترغب في الخلع اجاز للزوج أن يعلق بت الطلاق على أن تبرئة مما لها عنده أون تعطية شيئا من مالها بتراضيان عليه .
وأن الطلاق لاول مرة لا تقع به الفرقة نهائيا ، بل يجوز بعده للزوج أن يسترد زوجته بدون أي إجراء إذا كان الطلاق رجعيا ، أي وقع بلفظ صريح في الطلاق ، ولم تمض العدة بعده ، او يستردها بعقد ومهر جديدين إن كان الطلاق بائنا ، أي وقع بلفظ غير صريح في الطلاق ونووى به الزوج الطلاق ، او وقع بلفظ صريح في الطلاق ومضت العدة بعده ، فإذا تكرر الطلاق مرة ثالثة كان ذلك دليلا على أن الحياة الزوجية أصبحت غير محتملة بين الزوجين ، فيقرر الفرقة النهائية بينهما ، ولا تحل له بعد ذلك حتى تنمحي آثار العقد الأول والحياة الزوجية الاولى انمحاء تاماً .
وبجانب هذه الانواع من الطلاق التي وكل الامر فيها الى الزوج أجاز الاسلام نوعين آخرين من الفرقة :
احدهما : تشترك فيه المرأة .
الاخر : تستقبل به ، اما الاول فهو الخلع ، وهو الطلاق الذي تطلبه المرأة ويقبله الزوج ، ويتم في الغالب عن طريق تنازل المرأة عن بعض حقوقها عن الزوج أو اعطائه شيئا من المال يتراضيان عليه .
والى هذا النوع يشير القرآن اذ يقول (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا الا ان يخافا الا يقيما حدود الله ، فإن فتم الا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ، تلك حدود الله فلا تعتدوها ، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون )
اما النوع الآخر فهو الطلاق الذي تستبد به المرأة ، وذلك إذا كانت اشترطت في عقد الزواج أن تكون عصمتها بيدها ، أي أن تملك حق الطلاق ، وقبل زوجها ذلك ، ففي هذه الحالة يكون لها حق الطلاق في نفس الحدود وبنفس القيود المقيدة بها الزوج .
علاج مشكلة الطلاق :
إن ارتفاع نسب الطلاق في السنوات الأخيرة ينذر المسئولين بخطورة هذه المشكلة :
1- توسيع نطاق برامج الرعاية والمساعدات الاجتماعية حتى تخفف الدولة من العبء الملقى على عاتق أرباب الأسرة ، وبذلك تخفي الأسباب المادية والصحية والمباشرة .
2- لا تترك شئون الزواج والطلاق لرغبات الأفراد ، فينبغي أن تنشأ مكاتب لفحص طلبات الراغبين في الزواج أو الطلاق ، وتحول هذه الطلبات لأخصائيين وأخصائيات اجتماعية لدراساتها ، وتقديم تقارير عنها ، تثبت فيها حالة الزواج الاقتصادية والصحة ومركزه الاجتماعي ومبلغ التقارب بين حالته وحالة الزوجة التي يريد الاقتران بها ويجب أن تحاط هذه المكاتب بالسرية التامة حتى لا تكون أسرار الناس عرضة للمهاترات والتشنيع .
3- تحريم عدد الزوجات إلا في أضيق الحدود وفي الظروف الاستثنائية المسببة ، ويجوز للرجل اكثر من زوجتين .
4- إنشاء مكاتب صحية للكشف على الراغبين في الزواج قبل عقده وبذلك تختفي حالات الطلاق للمرض والعقم والشذوذ الجنسي .
5- فرض رسوم باهظة على الطلاق الذي يطلبه الرجل .
6- إعادة النظر في تشريعات الزواج ، ورفع سن الزواج بالنسبة للجنسين إذا ثبت كثير من حالات الطلاق ترجع إلى صغر السن .
7- العناية بالنواحي الترويحية وتنظيم أوقات فراغ الأسرة ومحاولة الارتفاع بمستوياتها الفنية والذوقية لان مثل ذلك يخفف التوتر العائد الذي يؤدي في كثير من حالاته إلى الطلاق .
ا لتوصيات
مما تقدم يتضح ان الآثار السلبية ( النفسية – الاجتماعية ) للطلاق على الاسرة والفرد الكويتي تتطلب منا كأفراد وجهات حكومية وأهلية القيام بخطوات ايجابية من اجل الحد من هذه الظاهرة وعليه نوصى بالآتي :
1- التخطيط لعمل برامج إعلامية ثقافية ودينية وتربوية على جميع وسائل الاعلام ( المرئي – المسموع – المقروءة )
2- الاهتمام بالمناهج الدراسية بحيث تحوي على الواجبات والحقوق للزوج والزوج واعطاء مجال لذلك حتى تتكون لهم فكرة واضحة عن الزواج تساعده على اختيار الزوج او الزوجة السليمة .
3- اعادة النظر في الإجراءات القانونية للطلاق وجعلها اكثر جدية في نظر طلبات الطلاق بحيث تمر بمراحل قد تعيد النظر للزوج أو الزوجة في الاقدام على الطلاق .
4- على الهيئات الدينية التدخل الفعال من خلال قنواتها المختلفة ( مساجد – ندوات – جمعيات دينية ) لافهام الناس الحكمة وراء رخصة الطلاق ، وانه شرع لتفادي الاضرار الزوجية ليكون وسيلة لهدم أسرة من أجل أتفه الاسباب .
الخاتمة :
ان الحديث عن مثل هذا الموضوع ( الطلاق ) لمن الأهمية بمكان حيث أنه قد ازداد بدرجة كبيرة ، وكثير من الرجال او النساء لا يفهمون شيء عن الطلاق لعدم اتباع الشرع والشريعة الإسلامية .
لقد وجدت نفسي اكتب عن هذه الظاهرة التي قد تهدد مجتمعنا فتكلمت عن الطلاق واسبابه وتأثيره على الحياة النفسية وتأثيره على المجتمع مما يقلل من حياة المجتمع وتفكك الأسرة وما عليه من أضرار تأثر على الطرفين والأولاد والأسرة والمجتمع بأثره .
كما تناولنا الحديث عن الاسس العامة في الطلاق في الشريعة والدينات الأخرى
داعين اللله عز وجل أن ينال اعجاب كل من تقع عليه عيناه
والله ولي التوفيق .